الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار **
1 - عن عبد اللّه بن بريدة عن أبيه قال (جاءت فتاة إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فقالت ان أبي زوجني ابن أخيه ليرفع بي خسيسته قال فجعل الأمر إليها فقالت قد أجزت ما صنع أبي ولكن أردت أن اعلم النساء ان ليس إلى الآباء من الأمر شيء). رواه ابن ماجه ورواه أحمد والنسائي من حديث ابن بريدة. 2 - وعن عائشة وعن عمر قال (لأمنعن تزوج ذوات الأحساب الا من الأكفاء). رواه الدارقطني. 3 - وعن أبي حاتم المزني قال (قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فانكحوه الا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير قالوا يا رسول اللّه وإن كان فيه قال إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فانكحوه ثلاث مرات). رواه الترمذي وقال هذا حديث حسن غريب. 4 - وعن عائشة (ان أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس وكان ممن شهد بدرا مع النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم تبنى سالما وأنكحه ابنة أخيه الوليد بن عتبة ابن ربيعة وهو مولى امرأة من الأنصار). رواه البخاري والنسائي وأبو داود. 5 - وعن حنظلة بن أبي سفيان الجمحي عن أمه قالت (رأيت أخت عبد الرحمن بن عوف تحت بلال). رواه الدارقطني. حديث عبد اللّه بن بريدة أخرجه ابن ماجه بإسناد رجاله رجال الصحيح فإنه قل في سننه حدثنا هنا دين السري حدثنا وكيع عن كهمس بن الحسن عن ابن بريدة عن أبيه وأخرجه النسائي من طريق زياد بن أيوب وهو ثقة عن علي بن غراب وهو صدوق عن كهمس بهذا الإسناد ويشهد له ابن عباس في الجارية البكر التي زوجها أبوها وهي كارهة فخيرها النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم وكذلك تشهد له الأحاديث الواردة في استئمار النساء على العموم وكذلك حديث خنساء بنت خدام وقد تقدم جميع ذلك في باب ما جاء في الأجبار والاستئمار وإنما ذكر المصنف حديث بريدة ههنا لقولها فيه ليرفع بي خسيسته فإن ذلك مشعر بأنه غير كفؤ لها. وحديث أبي حاتم المزني ذكر المصنف ان الترمذي حسنه ووافقه المناوي على نقل التحسين عن الترمذي ثم نقل البخاري أنه لم يعده محفوظا وعده أبو داود في المراسيل وأعله ابن القطان بالأرسال وضعف رواية وأبو حاتم المزني له صحبة ولا يعرف له عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم غير هذا الحديث وقد أخرج الترمذي أيضا هذا الحديث من حديث أبي هريرة ولفظه قال (قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم إذا خطب اليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه الا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض) وقال قد خولف عبد الحميد بن سليمان في هذا الحديث ورواه الليث بن سعد عن أبي عجلان عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال البخاري وحديث الليث أشبه ولم يعد حديث عبد الحميد محفوظا. ـ وفي الباب ـ عن أبي هريرة عند أبي داود (ان أبا هند حجم النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم في اليافوخ فقال النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم يا بني بياضة أنكحوا أبا هند وأنكحوا إليه) وأخرجه ايضا الحاكم وحسنه الحافظ في التلخيص. وعن علي عند الترمذي (أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال له ثلاث لا تؤخر. الصلاة إذا أتت والجنازة إذا حضرت والأيم إذا وجدت لها كفؤا) وعن ابن عمر عند الحاكم أنه صلى اللّه عليه وآله وسلم قال (العرب اكفاء بعضهم لبعض قبيلة لقبيلة وحي لحي ورجل لرجل الاحائك أو حجام) وفي إسناده رجل مجهول وهو الراوي له عن ابن جريج وقد سأل ابن أبي حاتم اباه عن هذا الحديث فقال هذا كذب لا أصل له وقال في موضع أخر باطل .ورواه ابن عبد البر في التمهيد من طريق أخرى عنه قال الدار قطني في العلل لا يصح انتهى. وفي اسناد ابن عبد البر عمران بن أبي الفضل قال ابن حبان يروي الموضوعات عن الثقات وقال ابن أبي حاتم سألت عنه أبي فقال منكر وقد حدث به هشام بن عبيد اللّه الرازى فزاد فيه بعد أوحجام او دباغ قال فاجتمع به الدباغون وهموا به. وقال ابن عبد البر هذا منكرموضوع وذكره في العلل المتناهية من طريقين إلى ابن عمر في أحدهما علي بن عروة وقد رماه ابن حبان بالوضع وفي الأخرى محمد بن الفضل بن عطية وهو متروك والأولى في ابن عدي والثانية في الدارقطني وله طريق أخرى عن غير ابن عمر رواها البزار في مسنده من حديث معاذ بن جبل رفعه (العرب بعضها لبعض اكفاء) وفيه سليمان بن أبي الجون. قال ابن القطان لا يعرف ثم هو من رواية خالد بن معدان عن معاذ ولم يسمع منه وفي المتفق عليه من حديث أبي هريرة (خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا). قوله (إلا من الأكفاء) جمع كفء بضم أوله وسكون الفاء بعدها همزة وهو المثل والنظير قوله (من ترضون دينه وخلقه) فيه دليل على اعتبار الكفاءة في الدين والخلق وقد جزم بأن اعتبار الكفاءة مختص بالدين مالك. ونقل عن عمر وابن مسعود ومن التابعين عن محمد بن سيرين وعمر بن عبد العزيز ويدل علهي قوله تعالى وقال أبو حنيفة قريش أكفاء بعضهم بعضا والعرب كذلك وليس أحد من العرب كفؤا لقريش كما ليس أحد من غير العرب كفؤا للعرب وهو وجه للشافعية. قال في الفتح والصحيح تقديم بني هاشم والمطلب على غيرهم ومن عدا هؤلاء أكفاء بعضهم لبعض. وقال الثوري إذا نكح المولى العربية يفسخ النكاح وبه قال أحمد في رواية وتوسط الشافعي فقال ليس نكاح غير الأكفاء حراما فأردبه النكاح وإنما هو تقصير بالمرأة والأولياء فإذا رضوا صح ويكون حقا لهم تركوه فلو رضوا الاواحدا فله فسخه قال ولم يثبت في اعتبار الكفاءة بالنسب من حديث وأما ما أخرجه البزار من حديث معاذ رفعه (العرب بعضهم أكفاء بعض والموالي بعضهم أكفاء بعض) فإسناده ضعيف. واحتج البيهقي بحديث (ان اللّه اصطفى بني كنانة من بني اسماعيل) الحديث وهو صحيح أخرجه مسلم لكن في الأحتجاج به لذلك نظر وقد ضم إليه بعضهم حديث قدموا قريشا ولا تقدموها ونقل ابن المنذر عن البويطي ان الشافعي قال الكفاءة في الدين وهو كذلك في مختصر البويطي قال الرافعي وهو خلاف المشهور قال في الفتح واعتبار الكفاءة في الدين متفق عليه فلاتحل المسلمة لكافر قال الخطابي إن الكفاءة معتبرة في قول أكثر العلماء بأربعة أشياء الدين والحرية والنسب والصناعة ومنهم من أعتبر السلامة من العيوب وأعتبر بعضهم اليسار ويدل على ذلك ما أخرجه أحمد والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم من حديث بريدة رفعه أن احساب أهل الدنيا الذين يذهبون إليه المال وما أخرجه أحمد والترمذي وصححه هو والحاكم من حديث سمرة رفعه (الحسب المال والكرم التقوي) قال في الفتح أن يكون المراد أنه حسب من لاحسب له فيقوم النسب الشريف لصاحبه مقام المال لمن لانسب له أو أن شأن أهل الدنيا رفعة من كان كثير المال ولو كان وضيعا وضعة من كان مقلا ولو كان رفيع النسب كما هو موجود مشاهد فعلى الاحتمال الأول يمكن أن يؤخذ من الحديث اعتبار الكفاءة بالمال لا على الثاني وقد قدمنا الأشارة إلى شيء من هذا في باب صفة المرأة التي تستحب خطبتها. قوله (تبنى سالما) بفتح المثناة الفوقية والموحدة وتشديد النون أي اتخذه ابنا وسالم هو ابن معقل مولى أبي حذيفة ولم يكن مولاه وإنما كان يلازمه بل هو مولى امرأة من الأنصار كما وقع في حديث الباب وهذا الحديث فيه دليل على أن الكفاءة تغتفر برضا الأعلى لا مع الرضا فقد خير النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم بريرة لما لم يكن زوجها كفؤا لها بعد الحرية وقد قدمنا الخلاف هل كان عبدا أو حرا والراجح أنه كان عبدا كما سيأتي في باب الخيار للأمة إذا عتقت تحت عبد. قال الشافعي اصل الكفاءة في النكاح حديث بريرة يعني هذا ومن جملة الأمور الموجبة لرفعة المتصف بها الصنائع العالية وأعلاها على الإطلاق العلم لحديث (العلماء ورثة الأنبياء) أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وابن حبان من حديث أبي الدرداء وضعفه الدارقطني في العلل. قال المنذري وهومضطرب الإسناد وقد ذكرنا فمن ذلك قوله تعالى
1 - عن ابن مسعود قال (علمنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم التشهد في الصلاة والتشهد في الحاجة وذكر تشهد الصلاة قال والتشهد في الحاجة إن الحمد للّه نستغفره ونعوذ باللّه من شرور أنفسنا من يهده اللّه فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا اللّه وأشهد أن محمدا عبده ورسوله قال ويقرأ ثلاث آيات ففسرها سفيان الثوري واتقوا اللّه حق تقاته ولا تموتن الا وأنتم مسلمون اتقوا اللّه الذي تساءلون به والأرحام إن اللّه كان عليكم رقيبا اتقوا اللّه وقولوا قولا سديدا) الآية. رواه الترمذي وصححه. 2 - وعن اسمعيل بن اراهيم عن رجل من بني سليم قال (خطبت إلى النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم أمامة بنت عبد المطلب فانكحني من غير أن يتشهد). رواه أبو داود. 3 - وعن أبي هريرة (ان النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم كان إذا رفا انسانا إذا تزوج قال بارك اللّه لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير). رواه الخمسة إلا النسائي وصححه الترمذي. 4 - وعن عقيل ابن أبي طالب (أنه تزوج امرأة من بني جشم فقالوا بالرفاء والبنين فقال لا تقولوا هكذا ولكن قولوا كما قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم بارك لهم وبارك عليهم). رواه النسائي وابن ماجه وأحمد بمعناه. وفي رواية له (لاتقولوا ذلك فإن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قد نهانا عن ذلك قولوا بارك اللّه فيك وبارك لك فيها). حديث ابن مسعود أخرجه أيضا أبو داود والنسائي والحاكم والبيهقي وهو من رواية أبي عبيدة بن عبد اللّه بن مسعود عن أبيه ولم يسمع منه. وقد رواه الحاكم من طريق أخرى عن قتادة عن عبد ربه عن أبي عياض عن ابن مسعود وليس فيه الآيات. ورواه أيضا من طريق اسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص وأبي عبيدة أن عبد اللّه قال فذكر نحوه ورواه البيهقي من حديث واصل الأحدب عن شقيق عن ابن مسعود بتمامه. وفي رواية للبيهقي (إذا أراد أحدكم أن يخطب لحاجة من النكاح أو غيره فليقل الحمد للّه نحمده ونستعينه) الخ وروى المصنف عن الترمذي أنه صحح حديث ابن مسعود والذي رأيناه في نسخة صحيحة منه التحسين فقط وكذلك روى الحافظ عنه في بلوغ المرام والمنذري في مختصر السنن التحسين فقط ولكنه قال الترمذي بعد أن ذرك أن الحديث حسن مالفظه رواه الأعمش عن أبي إسحاق عن أي الأحوص عن عبد اللّه عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم وكلا الحديثين صحيح لأن اسرائيل جمعهما فقال عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص وأبي عبيدة عن عبد اللّه عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم. وحديث إسماعيل بن ابراهيم أخرجه ايضا البخاري في تاريخه الكبير وقال إسناده مجهول ووقع عند في رواية أمامة بنت ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب فكأنها نسبت في رواية أبي داود إلى جدها انتهى. وأما جهالة الصحابي المذكور فغير قادحة كما قررنا في هذا الشرح غير مرة. وحديث أبي هريرة سكت عنه أبو داود والمنذري وقال الترمذي حسن صحيح وصححه أيضا ابن حبان والحاكم. وحديث عقيل أخرجه أيضا أبو يعلى والطبراني وهو من رواية الحسن عن عقيل قال في الفتح ورجاله ثقات الا أن الحسن لم يسمع من عقيل فيما يقال. ـ وفي الباب ـ عن هبار عند الطبراني (ان النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم شهد نكاح رجل فقال على الخير والبركة والألفة والطائر الميمون والسعة والرزق بارك اللّه لكم). قوله
1 - عن عقبة بن عامر (أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال لرجل أترضى أن أزوجك فلانة نعم وقال للمرأة أترضين أن أزوجك فلانا قالت نعم فزوج أحدهما صاحبه فدخل بها ولم يفرض لها صداقا ولم يعطها شيئا وكان ممن شهد الحديبية وكان من شهد الحديبية له سهم بخيبر فلما حضرته الوفاة قال إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم زوجني فلانة ولم أفرض لا صداقا ولم أعطها شيئا وأني أشهدكم أني أعطيتها من صداقها سهمي بخيبر فأخذت سهمه فباعته بمائة ألف). رواه أبو داود وقال عبد الرحمن بن عوف لأم حكيم بنت قارظ (أتجعلين أمرك إلى قالت نعم قال فقد تزوجتك) ذكره البخاري في صحيحه وهو يدل على أن مذهب عبد الرحمن ان من وكل في تزويج أو بيع شيء فله أن يبيع ويزوج من نفسه وأن يتولى ذلك بلفظ واحد. حديث عقبة بن عامر سكت عنه أبو داود والمنذري وفي إسناده عبد العزيز بن يحيى صدوق يهم. وأثر عبد الرحمن ذكره البخاري معلقا ووصله ابن سعد من طريق ابن أبي ذئب عن سعد بن خالج ان أم حكيم ينت قارظ قالت لعبد الرحمن ابن عوف أنه قد خطبني غير واحد فزوجني أيهم رأيت قال وتجعلين ذلك إلي فقالت نعم قال قد تزوجتك قال ابن أبي ذئب فجاز نكاحه. وقد ذكر ابن سعد أم حكيم المذكورة في النساء اللواتي لم يدركن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم وروين عن أزواجه وهي بنت قارظ بن خالد بن عبيد حليف بني زهرة. وقد استدل بحديث عقبة من قال أنه يجوز أن يتولى طرفي العقد واحد وهو مروى عن الأوزاعي وربيعة والثوري ومالك وأبي حنيفة وأكثر أصحابه والليث والهادوية وأبي ثور وحكى في البحر عن الناصر والشافعي وزفر أنه لا يجوز لقوله صلى اللّه عليه وآله وسلم (كل نكاح لا يحضره أربعة) وقد تقدم. وأجيب بأنه أراد أومن يقوم مقامهم قال في الفتح وعن مالك لو قالت الثيب لوليها زوجني بمن رأيت فزوجها من نفسه أوممن أختار لزمها ذلك ولو لن تعلم عين الزوج. وقال الشافعي يزوجه السلطان أو ولي آخر مثله أو أبعد منه ووافقه زفر وداود وحجتهم إن الولاية شرط في العقد فلا يكون الناكح منكحا كما لا يبيع من نفسه وروى البخاري عن المغيرة تعليقا أنه خطب امرأة هو أولى الناس بها فأمر رجلا فزوجه ووصل هذا الأثر وكيع في مصنفه. وللبيهقي من طريقه عن الثوري عن عبد الملك بن عميران المغيرة بن شعبة أراد أن يتزوج امرأة هو وليها فجعل أمرها إلى رجل المغيرة أولى منه فزوجه. وأخرجه عبد الرزاق عن الثوري وقال فيه فأمر أبعد منه فزوجه. وأخرجه سعيد بن منصور من طريق الشعبي ولفظه أن المغيرة خطب بنت عمه عروة بن مسعود فأرسل إلى عبد اللّه بن أبي عقيل فقال زوجنيها فقال ما كنت لأفعل أنت أمير البلد وابن عمها فأرسل المغيرة إلى عثمان بن أبي العاص فزوجها منه. والمغيرة هو ابن شعبة بن مسعود من ولد عوف بن ثقيف فهي بنت عمه وعبد اللّه بن أبي عقيل هو ابن عمها أيضا لأن جده هو مسعود المذكور. وأما عثمان بن أبي العاص فهو وإن كان ثقفيا لكنه لا يجتمع معهم إلا في جدهم الأعلى ثقيف لأنه من ولد جشم ابن ثقيف. وقد استدل محمد بن الحسن على الجواز بأن اللّه لما عاتب الأولياء في تزويج من كانت من أهل المال والجمال بدون صداقها وعاتبهم على ترك تزويج من كانت قليلة المال والجمال دل على أن الولي يصح منه تزويجها من نفسه إذ لا يعاتب أحدا على ترك ما هو حرام عليه.
1 - عن ابن مسعود قال (كنا نغزو مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ليس معنا نساء فقلنا ألا نختصى فنهانا عن ذلك ثم رخص لنا بعد أن تنكح المرأة بالثوب إلى أجل ثم قرأ عبد اللّه يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل اللّه لكم) الآية. متفق عليه. 2 - وعن أبي جمرة قال (سألت ابن عباس عن متعة النساء فرخص فقال له مولىله إنما ذلك في الحال الشديد وفي النساء قلة أو نحوه فقال ابن عباس نعم). رواه البخاري. 3 - وعن محمد بن كعب عن ابن عباس قال (إنما كانت المتعة في أول الإسلام كان الرجل يقدم البلدة ليس له بها معرفة فيتزوج المرأة بقدر ما يرى أنه يقيم فتحفظ له متاعه وتصلح له شأنه حتى نزلت هذه الآية إلا على أزواجهم أوما ملكت أيمانهم قال ابن عباس فكل فرج سواهما حرام). رواه الترمذي. 4 - وعن علي رضي اللّه عنه (إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم نهى عن نكاح المتعة وعن لحوم الحمر الأهل زمن خيبر) وفي رواية (نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن لحوم الحمر الأنسية). متفق عليهما. 5 - وعن سلمة بن الأكوع قال (رخص لنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم في متعة النساء عام أوطاس ثلاثة أيام ثم نهى عنها). 6 - وعن سبرة الجهني (أنه غزا مع النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فتح مكة قال فأقمنا بها خمسة عشر فأذن لنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم في متعة النساء) وذكر الحديث إلى أن قال (فلم أخرج حتى حرمها رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم) وفي رواية (أنه كان مع النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فقال يا أيها الناس أني كنت أذنت لكم في الأستمتاع من النساء وإن اللّه قد حرم ذلك إلى يوم القيامة فمن كان منهن شيء فليخل سبيله ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئا). رواهن أحمد ومسلم. وفي لفظ عن سبرة قال (أمرنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم بالمتعة عام الفتح حين دخلنا مكة ثم لم نخرج منها حتى نهانا عنها). رواه مسلم. وفي رواية عنه (أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم في حجة الوداع نهى عن نكاح المتعة). رواه أحمد وأبو داود. حديث ابن عباس الذي رواه المصنف من طريق أبي جمرة ونسبه إلى البخاري قيل ليس هو في البخاري. قال الحافظ في التلخيص وأغرب المجد بن تيمية يعني المصنف فذكره عن أبي جمرة الضبعي أنه سأل ابن عباس عن متعة النساء فرخص فيه فقال له مولى إنما ذلك في الحال الشديد وفي النساء قلة فقال نعم ورواه البخاري وليس هذا في صحيح البخاري بل استغربه ابن الأثير في جامع الأصول فعزاه إلى رزين وحده ثم قال الحافظ قلت قد ذكره المزي في الأطراف في ترجمة أبي جمرة عن ابن عباس وعزاه إلى البخاري بللفظ الذي ذكره ابن تيمية سواء ثم راجعته من الأصل فوجدته في باب النهي عن نكاح المتعة أخيرا ساقه بهذا الإسناد والمتن فأعلم ذلك. وحديث ابن عباس الثاني الذي رواه المصنف من طريق محمد بن كعب في إسناده موسى بن عبيد الربذي وهو ضعيف. وقد ورى الرجوع عن ابن عباس جماعة منهم محمد بن خلف القاضي المعروف بوكيع في كتابه الغرر من الأخبار بسنده المتصل بسعيد بن جبير قال قلت لابن عباس ما تقول في المتعة فقد أكثر الناس فيها حتى قال فيها الشاعر. قال: وما قال. قال: قال: قد قلت للشيخ لما طال محبسـه ** يا صاح هل لك في فتوى ابن عباس وهل ترى رخصة الأطراف أنسة ** تكون مثواك حتى مصدر الناس قال: وقد قال في الشاعر. قلت: نعم. قال: فكرهها أو نهى عنها. ورواه الخطابي أيضا بإسناده إلى سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس قد سارت بفتياك الركبان وقالت فيها الشعراء. قال: وما قالوا؟ فذكر البيتين. فقال: سبحان اللّه واللّه ما بهذا أفتيت وما هي الا كالميتة لا تحل الا للمضطر. وروى الرجوع أيضا البيهقي وأبو عوانة في صحيحه قال في الفتح بعد أن ساق عن ابن عباس روايات الرجوع وساق حديث سهل بن سعد عند الترمذي بلفظ إنما رخص النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم في المتعة لعزبة كانت بالناس شديدة ثم نهى عنها بعد ذلك ما لفظه فهذه أخبار يقوى بعضها بعضها. وحاصلها أن المتعة إنما رخص فيها بسبب العزبة في حال السفر ثم قال وأخرج البيهقي من حديث أبي ذر بإسناد حسن إنما كانت المتعة لحربنا وخوفنا وروى عبد الرزاق في مصنفه أن ابن عباس يراها حلالا ويقرأ فما استمتعتم به منهن. قال وقال ابن عباس في حرف أبي بن كعب إلى أجل مسمى قال وكان يقول يرحم اللّه عمر ما كانت المتعة الا رحمة رحم اللّه بها عباده ولولا نهي عمر لما احتيج إلى الزنا أبدا وذكر ابن عبد البر عن عمارة مولى الشريد سألت ابن عباس عن المتعة اسفاح هي أم نكاح فقال لا نكاح ولاسفاح قلت فما هي قال المتعة كما قال اللّه تعالى قلت وهل عليها حيضة قال نعم قلت ويتوارثان قال لا وقد روى ابن حزم في المحلى عن جماعة من الصحابة غير ابن عباس فقال وقد ثبت على تحليلها بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم جماعة من السلف منهم من الصحابة أسماء بنت أبي بكر وجابر بن عبد اللّه وابن مسعود وابن عباس ومعاوية وعمرو بن حريث وأبو سعيد وسلمة ابنا أمية بن خلف. ورواه جابر عن الصحابة مدة رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ومدة أبي بكر ومدة عمر إلى قرب آخر خلافته وروى عنه إنما أنكرها إذا لم يشهد عليها عد لأن فقط وقال بها من التابعين طاوس وعطاء وسعيد بن جبير وسائر فقهاء مكة انتهى كلامه. ثم ذكر الحافظ في التلخيص بعد أن نقل هذا الكلام عن ابن حزم من روى من المحدثين حل المتعت عن المذكورين ثم قال ومن المشهورين بإباحتها ابن جريج فقيه مكة ولهذا قال الأوزاعي فيما رواه الحاكم في علوم الحديث يترك من قول أهل الحجاز خمس فذكر منها متعة النساء من قول أهل مكة واتيان النساء في أدبارهن من قول أهل المدينة ومع ذلك فقد روى أبو عوانة في صحيحه عن ابن جريج أنه قال لهم بالبصرة اشهدوا أني قد رجعت عنها بعد أن حدثهم فيها ثمانية عشر حديثا أنه لا بأس بها. وممن حكى القول بجواز المتعة عن ابن جريج الإمام المهدي في البحر وحكاه عن الباقر والصادق والأمامية انتهى. وقال ابن المنذر جاء عن الأوائل الرخصة فيها ولا أعلم اليوم أحدا يحيزها الابعض الرافضة ولامعنى لقول يخالف كتاب اللّه وسنة رسوله. وقال عياض ثم وقع الإجماع من جميع العلماء على تحريمها إلا الروافض وأما ابن عباس فروى عنه أنه أباحها وروى عنه أنه رجع عن ذلك. قال ابن بطال روى أهل مكة واليمن عن ابن عباس إباحة المتعة وروى عنه الرجوع بأسانيد ضعيفة وإجازة المتعة عنه أصح وهو مذهب الشيعة قال وأجمعوا على أنه متى وقع الآن أبطل سواء كان قبل الدخول أم بعده إلا قول زفر أنه جعلها كالشروط الفاسدة ويرده. قوله صلى اللّه عليه وآله وسلم (فمن كان عنده شيء فليخل سبيله) وقال الخطابي تحريم المتعة كالإجماع الا عن بعض الشيعة ولا يصح على قاعدتهم في الرجوع في المخالفات إلى على صح عن علي أنها نسخت ونقل البيهقي عن جعفر بن محمد أنه سئل عن المتعة فقال هي الزنا بعينه. وقال ابن دقيق العيد ما حكاه بعض الحنفية عن مالك من الجواز خطأ فقد بالغ المالكية في منع النكاح المؤقت حتى أبطلوا توقيت الحل بسببه فقالوا لوعلق على وقت لا بد من مجيئه وقع الطلاق الآن لأنه توقيت للحل فيكون في معنى نكاح المتعة قال عياض وأجمعوا على أن شرط البطلان التصريح بالشرط فلو نوى عند العقد أن يفارق بعد مدة صح نكاحه إلا الأوزاعي فأبطله واختلفوا هل يحد ناكح المتعة أو يعذر على قولين. وقال القرطبي الروايات كلها متفقة على أن زمن إباحة المتعة لم يطل وأنه حرم ثم أجمع السلف والخلف على تحريمها الا من لا يلتفت إليه من الروافض وجزم جماعة من الأئمة بتفرد ابن عباس بإباحتها ولكن قال ابن عبد البر أصحاب ابن عباس من أهل مكة واليمن على إباحتها ثم اتفق فقهاء الأمصار على تحريمها وقد ذكر الحافظ في فتح الباري بعد ما حكى عن ابن حزم كلامه السالف المتضمن لرواية جواز المتعة عن جماعة من الصحابة ومن بعدهم مناقشات فقال وفي جميع ما أطلقه نظر أما ابن مسعود إلى آخر كلامه فليراجع. وقال الحازمي في الناسخ والمنسوخ بعد أن ذكر حديث ابن مسعود المذكور في الباب مالفظه وهذا الحكم كان مباحا مشروعا في صدر الإسلام وإنما أباحه النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم للسبب الذي ذكره ابن مسعود وإنما ذلك يكون في أسفارهم ولم يبلغنا أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم إباحة لهم وهم في بيوتهم ولهذا نهاهم عنه غير مرة ثم إباحه لهم في أوقات مختلفة حتى حرمه عليهم في آخر أيامه صلى اللّه عليه وآله وسلم وذلك في حجة الوداع وكان تحريم تأييد لا توقيت فلم يبق اليوم في ذلك خلاف بين فقهاء الأمصار وأئمة الأمة الا شيئا ذهب إليه بعض الشيعة ويروى أيضا عن ابن جرير جوازه انتهى. إذا تقرر لك معرفة من قال بإباحة المتعة فدليلهم على الإباحة ما ثبت من إباحته صلى اللّه عليه وآله وسلم في مواطن متعددة. منها في عمرة القضاء كما أخرجه عبد الرزاق عن الحسن البصري وابن حبان في صحيحه من حديث سبرة. ومنها في خيبر كما في حديث علي المذكور في الباب. ومنها عام الفتح كما في حديث سبرة بن معبد المذكور أيضا. ومنها يوم حنين رواه النسائي من حديث علي قال الحافظ ولعله تصحيف عن خيبر وذكره الدارقطني عن يحيى بن سعيد بلفظ حنين. ووقع في حديث سلمة المذكور في الباب في عام أوطاس. قال السهيلي هو موافق في رواية من روى عام الفتح فإنهما كانا في عام واحد. ومنها في تبوك رواه الحازمي والبيهقي عن جابر ولكنه لم يبحها لهم النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم هنالك فإن لفظ حديث جابر عند الحازمي (قال خرجنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم إلى غزوة تبوك حتى إذا كنا عند الثنية مما بلى الشام جاءتنا نسوة تمتعنا بهن يطفن برحالنا فسألنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم عنهم فأخبرناه فغضب وقام فينا خطيبا فحمد اللّه وأثنى عليه ونهى عن المتعة فتوادعنا يومئذ ولم نعد ولا نعود فيها أبدا فلهذا سميت ثنية الوداع). قال الحافظ وهذا إسناد ضعيف لكن عند ابن حبان من حديث أبي هريرة ما يشهد له وأخرجه البيهقي أيضا وأجيب بما قاله الحافظ في الفتح أنه لا يصح من روايات الأذن بالمتعة شيء بغير علة إلا في غزوة الفتح وذلك لأن الأذن في عمرة القضاء لا يصح لكونه من مراسيل الحسن ومراسيله ضعيفة لأنه كان يأخذ عن كل أحد وعلى تقدير ثبوته فلعله أراد أيام خيبر لأنهما كانا في سنة واحدة كما في الفتح وأوطاس أنهما في غزوة واحدة ويبعد كل البعد أن يقع الأذن في غزوة أوطاس بعد أن يقع التصريح في أيام الفتح قبلها فإنها حرمت إلى يوم القيامة وأما في غزوة خيبر فطريق توجيه الحديث وإن كانت صحيحة ولكنه قد حكى البيهقي عن الحميدي ان سفيان كان يقول أن قوله في الحديث يوم خيبر يتعلق بالحمر الأهلية لا بالمتعة. وذكر السهيلي أن ابن عيينة روى عن الزهري بلفظ نهى عن أكل الحمر الأهلية عام خيبر وعن المتعة بعد ذلك أو في غير ذلك اليوم انتهى. وروى ابن عبد البر أن الحميدي ذكر عن ابن عيينة أن النهي زمن خيبر عن لحوم الحمر الأهلية وأما المتعة فكان في غير يوم خيبر قال ابن عبد البر وعلى هذا أكثر الناس وقال أبو عوانة في صحيحه سمعت أهل العلم يقولون معنى حديث على أنه نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية وأما المتعة فسكت عنها وإنما نهى عنها يوم الفتح انتهى. قال في الفتح والحامل لهؤلاء على هذا ما ثبت من الرخصة فيها بعد زمن خيبر كما أشار البيهقي ولكنه يشكل على كلام هؤلاء ما في البخاري في الذبائح من طريق مالك بلفظ (نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم يوم خيبر عن متعة النساء وعن لحوم الحمر الأهلية) وهكذا أخرجه مسلم من رواية ابن عيينة. وأما في غزوة حنين فهو تصحيف كما تقدم والأصل خيبر وعلى فرض عدم ذلك التصحيف فيمكن أن يراد ما وقع في غزوة أوطاس لكونها هي وحنين واحدة وأما في غزوة تبوك لم يقع منه صلى اللّه عليه وآله وسلم أذن بالاستمتاع كما تقدم وإذا تقرر هذا فالأذن الواقع منه صلى اللّه عليه وآله وسلم بالمتعة يوم الفتح منسوخ بالنهي عنها المؤبد كما في حديث سبرة الجهني وهكذا لو فرض وقوع الأذن منه صلى اللّه عليه وآله وسلم في موطن من المواطن قبل يوم الفتح كان نهيه عنها يوم الفتح ناسخا له. وأما رواية النهي عنها في حجة الوداع فهو اختلاف على الربيع بن سبرة والرواية عنه بأن النهي في يوم الفتح أصح وأشهر ويمكن الجمع بأنه صلى اللّه عليه وآله وسلم أراد إعادة النهي ليشيع ويسمعه من لم يسمعه قبل ذلك ولكنه يعكر على ما في حديث سبرة من التحريم المؤبد ما أخرجه مسلم وغيره عن جابر قال كنا نستمتع بالقبضة من الدقيق والتمر الأيام على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم وأبي بكر وصدرأ من خلافة عمر حتى نهانا عنها عمر في شأن حديث عمر وبن حريث فإنه يبعد كل البعد أن يجهل جمع من الصحابة النهي المؤبد الصادر عنه صلى اللّه عليه وآله وسلم في جمع كثير من الناس ثم يستمرون على ذلك حياته صلى اللّه عليه وآله وسلم وبعد موته حتى ينهاهم عنها عمر. وقد اجيب عن حديث جابر هذا بأنهم فعلوا ذلك في زمن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ثم لم يبلغه النسخ حتى نهى عنها عمر وأعتقد أن الناس باقون على ذلك لعدم الناقل وكذلك يحمل فهل غيره من الصحابة ولذا ساغ لعمر ان ينهى ولهم الموافقة. وهذا الجواب وإن كان لا يخلو عن تعسف ولكنه أوجب المصير إليه حديث سبرة الصحيح المصرح بالتحريم المؤبد وعلى كل حال فنحن متعبدون بما بلغنا عن الشارع وقد صح لنا عنه التحريم المؤبد ومخالفة طائفة من الصحابة له غير قادحة في حجيته ولا قائمة لنا بالمعذرة عن العمل به كيف والجمهور من الصحابة قد حفظوا التحريم وعملوا به ورووه لنا حتى قال ابن عمر فيما أخرجه عنه ابن ماجه بإسناد صحيح (إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم أذن لنا في المتعة ثلاثا ثم حرمها واللّه لا أعلم أحد تمتع وهو محصن إلا رجمته بالحجارة) وقال أبو هريرة فيما يرويه عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم (هدم المتعة الطلاق العدة والميراث) أخرجه الدارقطني وحسنه الحافظ ولا يمنع من كونه حسنا كون في إسناده مؤمل بن إسماعيل لأن الاختلاف فيه لا يخرج حديثه عن حد الحسن إذا أنضم إليه من الشواهد ما يقويه كما هو الشأن الحسن لغيره وأما ما يقال من أن تحليل المتعة مجمع عليه والمجمع عليه قطعى وتحريمها مختلف فيه المختلف فيه ظني والظني لا ينسخ القطعى فيجاب عنه أولا بمنع هذه الدعوى أعني كون القطعي لا ينسخه الظني فما الدليل عليها ومجرد كونها مذهب الجمهور غير مقنع لمن قام في مقام المنع يسائل خصمه عن دليل العقل والسمع بإجماع المسلمين وثانيا بأن النسخ بذلك الظني إنما هو لاستمرار الحل لا لنفس الحل والاستمرار ظني لا قطعي. وأما قراءة ابن عباس وابن مسعود وأبي بن كعب وسعيد بن جبير {فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى} فليست بقرآن عند مشترطي التواتر ولا سنة لأجل روايتها قرآنا فيكون من قبيل التفسير للآية وليس ذلك بحجة. وأما عند من لم يشترط التواتر فلا مانع من نسخ ظني القرآن بظني السنة كما تقرر في الأصول.
1 - عن ابن مسعود قال (لعن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم المحلل والمحلل له). رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه والخمسة إلا النسائي من حديث علي مثله. 2 - وعن عقبة بن عامر قال (قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ألا أخبركم بالتيس المستعار قالوا بلى يا رسول اللّه قال هو المحلل لعن اللّه المحلل والمحلل له). رواه ابن ماجه. حديث ابن مسعود صححه ابن القطان وابن دقيق العيد على شرط البخاري وله طريق أخرى أخرجها عبد الرزاق وطريق ثالثة أخرجها إسحاق في مسنده. وحديث علي صححه ابن السكن وأعله الترمذي فقال روي عن مجالد عن الشعبي عن جابر وهو وهم انتهى. وفي إسناده مجالد وفيه ضعف. وحديث عقبة ابن عامر أخرجه أيضا الحاكم وأعله أبو زرعة وأبو حاتم بالإرسال. وحكى الترمذي عن البخاري أنه استنكره. وقال أبو حاتم ذكرته ليحيى بن بكير فأنكره إنكارا شديدا وسياق إسناده في سنن ابن ماجه هكذا حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح المصري قال حدثنا أبي قال سمعت الليث بن سعد يقول قال لي مشرح بن عاهان قال عقبة بن عامر فذكره. ويحيى بن عثمان ضعيف. ومشرح قد وثقه ابن معين. ـ وفي الباب ـ عن ابن عباس عند ابن ماجه وفي إسناده زمعة بن صالح وهو ضعيف وعن أبي هريرة عند أحمد واسحاق والبيهقي والبزار وابن أبي حاتم في العلل والترمذي في العلل وحسنه البخاري والأحاديث المذكورة تدل على تحريم التحليل لا اللعن إنما يكون على ذنب كبير. قال الحافظ في التلخيص استدلوا بهذا الحديث على بطلان النكاح إذا شرط الزوج أنه إذا نكحها بانت منه أو شرط أنه يطلقها أو نحو ذلك وحملوا الحديث على ذلك ولا شك أن إطلاقه يشمل هذه الصورة وغيرها لكن روى الحاكم والطبراني في الأوسط عن عمر أنه جاء إليه رجل فسأله عن رجل طلق امرأته ثلاثا فتزوجها أخ له عن غير مؤامرة ليحلها لأخيه هل تحل للأول إلا بنكاح رغبة كنا نعد هذا سفاحا على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم. قال وقال ابن حزم ليس الحديث على عموم في كل محلل إذ لو كان كذلك لدخل فيه كل واهب وبائع ومزوج فصح أنه أراد به بعض المحللين وهو من أحل حراما لغيره بلا حجة فتعين أن يكون ذلك في من شرط ذلك لأنهم لم يختلفوا في أن الزوج إذا لم ينو تحليلها للأول ونوت هي أنها لا تدخل في اللعن فدل على أن المعتبر الشرط انتهى. ومن المجوزين للتحليل بلا شرط أبو ثور وبعض الحنفية والمؤيد باللّه والهادوية وحملوا أحاديث التحريم على ما إذا وقع الشرط أنه نكاح تحليل. قالوا وقد روى عبد الرزاق أن امرأة أرسلت إلى رجل فزوجته نفسها ليحلها لزوجها فأمره عمر بن الخطاب أن يقيم معها ولا يطلقها وأوعده أن يعاقبه إن طلقها فصحح نكاحه ولم يأمره باستئنافه. وروى عبد الرزاق أيضا عن عروة بن الزبير أنه كان لا يرى بأسا بالتحليل إذا لم يعلم أحد الزوجين. قال ابن حزم وهو قول سالم بن عبد اللّه والقاسم بن محمد قال ابن القيم في أعلام الموقعين وصح عن عطاء فيمن نكح امرأة محللا ثم رغب فيها فأمسكها قال لابأس بذلك. قال الشعبي لا بأس بالتحليل إذا لم يأمر به الزوج. وقال الليث عن سعد أن تزوجها ثم فارقها فترجع إلى زوجها وقال الشافعي وأبو ثور المحلل الذي يفسد نكاحه هو من تزوجها ليحلها ثم يطلقها فأما من لم يشترط ذلك في عقد النكاح فعقده صحيح لا داخلة فيه سواء شرط عليه ذلك قبل العقد أو لم يشرط نوى ذلك أو لم ينوه. قال أبو ثور وهو مأجور. وروى بشر بن الوليد عن أبي يوسف عن أبي حنيفة مثل هذا سواء. وروى أيضا عن محمد وأبي يوسف عن أبي حنيفة أنه إذا نوى الثاني والمرأة التحليل للأول لم تحل له بذلك. وروى الحسن بن زياد عن زفر وأبي حنيفة أنه إن شرط عليه في نفس العقد أنه إنما تزوجها ليحلها للأول فإنه نكاح صحيح ويبطل الشرط وله أن يقيم معها فهذه ثلاث روايات عن أبي حنيفة قالوا وقد قال اللّه تعالى وأما لعنه صلى اللّه عليه وآله وسلم للمحلل فلا ريب أنه لم يرد كل محلل ومحلل له فإن الولي محلل لما كان حراما قبل العقد والحاكم المزوج محلل بهذا الاعتبار والبائع أمته محلل للمشتري وطأها فإن قلنا العام إذا خصص صار مجملا فلا احتجاج بالحديث وإن قلنا هو حجة فيما عدا التخصيص فذلك مشروط ببيان المراد منه ولسنا ندري المحلل المراد من هذا النص أهو الذي نوى التحليل أو شرطه قبل العقد أو شرطه في صلب العقد أو الذي أحل ما حرمه اللّه تعالى ورسوله ووجدنا كل من تزوج مطلقة ثلاثا فإنه محلل ولو لم يشترط التحليل أو لم ينوه فإن الحل حصل بوطئه وعقده ومعلوم قطعا أنه لم يدخل في النص فعلم أن النص إنما أراد به من أحل الحرام بفعله أو عقده وكل مسلم لا يشك في أنه أهل للعنة وأما من قصد الإحسان إلى أخيه المسلم ورغب في جمع شمله بزوجته ولم شعثه وشعث أولاده وعياله فهو محسن وما على المحسنين من سبيل فضلا عن أن يلحقهم لعنة رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ولا يخفاك أن هذا كله بمعزل عن الجواب بل هو من المجادلة بالباطل البحث ودفعه لا يخفى على عارف.
|